سوريا، باعتبارها واحدة من الدول المؤثرة في محور المقاومة، تعرضت منذ أواخر كانون الأول 2011 لأزمة داخلية مفروضة من قبل الغربيين وحلفائهم الإقليميين، وقد تكبدت البلاد خلال هذه الفترة خسائر فادحة. بفضل دور إيران وغيرها من حلفاء سوريا، تم تحقيق نوع من الأمن النسبي في البلاد، ومع بدء فترة إعادة الإعمار، تحتاج سوريا إلى استعادة قدراتها السابقة وتعزيز القطاعات الاقتصادية والتجارية المهمة لتعويض الخسائر الناتجة عن الأزمة.
تستطيع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بصفتها حليفاً استراتيجياً لسوريا، أنْ تلعب دوراً في مرحلة إعادة إعمار هذا البلد، مما يعزّز من تضامن الشعبين ويقوي الاقتصاد المحور المقاوم، ويتيح لها توسيع وجودها في منطقة غرب آسيا من البعد العسكري - الأمني إلى البعد الاقتصادي. تقع سوريا، نظراً لظروفها الجيوسياسية والجيوستراتيجية، في نقطة اتصال ثلاث قارات: آسيا وأوروبا وأفريقيا، ويمكن أن تكون بوابة دخول الجمهورية الإسلامية إلى أسواق هذه القارات الثلاث. تعتبر الخلفية الصناعية لسوريا فرصة خاصة للجمهورية الإسلامية، حيث يمكّنها، بالنظر إلى القدرات والمزايا المتاحة في الصناعات الإيرانية واحتياجات السوق السورية التي تضم 17 مليون نسمة، أن تتخذ خطوات فعّالة في مرحلة إعادة الإعمار. في الوقت نفسه، يسعى المنافسون الـإقلـيميون للجمهورية الـإسلامية مثـل تركـيا والـإمـارات والـسعودية إلـى تقليـل نفـوذ الجمهـورية الإسلامية في
مستـقبـل سـوريا ومرحلة إعادة إعمـارها. لذلك، فإنّ إغفـال مرحلة إعـادة إعمار سـوريا قد يؤثر على الإنجـازات الـتي
حـققتـها إيران في الـعـقـد الـأخيـر. بناءً على ذلـك، تحتاج الجمهـورية الإسلـامـية إلـى نمـوذج استـراتيجـي لتعـزيـز
الاقتصاد السوري، حتى تتمكن من مواجهة احتياجـات هذا البلد الاقتصادية وتمنع سوريا من الابتعاد عن محور
المقاومة وتأثير الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين.