بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، اتّبعت الولايات المتحدة استراتيجية جديدة تهدف إلى تعزيز رفاهها وأمنها الوطني، من خلال تشكيل هياكل الحكم الداخلي في الدول وتوسيع نفوذها الاقتصادي والثقافي والاجتماعي على مستوى العالم. لاحقاً، تم إدخال هذه الاستراتيجية في الأدبيات العلمية تحت مسمى "بناء الأمّة". تُعتبر الولايات المتحدة أقدم وأكثر الدول خبرة في استخدام هذه الاستراتيجية للتأثير في دول مختلفة، وخاصة الدول الإسلامية.
تعود بداية استخدام هذه الاستراتيجية من قبل الولايات المتحدة مع خطة إعادة إعمار أوروبا (مارشال) وتأسيس إدارة التعاون الاقتصادي (ECA) لتنفيذها. في نفس الوقت الذي تم فيه تنفيذ خطة مارشال في أوروبا، تم اتباع برنامج النقطة الرابعة لترومان كبرنامج مساعدة فنية لتحقيق الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي والاجتماعي من قبل الإدارة العامة للتعاون الفني (TCA) في البلدان النامية. بعد ذلك، في عام 1951، تم دمج الكيانين المذكورين بموجب قانون الأمن المتبادل في وكالة الأمن المتبادل (MSA) ، تم دمج الكيانين المذكورين بموجب قانون الأمن المتبادل في وكالة الأمن المتبادل (MSA) و تم تركيز إدارة المساعدات العسكرية وغير العسكرية للولايات المتحدة إلى الدول الأخر تحت سلطتها. في السنوات اللاحقة، واجهت الهيئة المسؤولة عن هذه المساعدات الخارجية تغييرات، وفي النهاية، تمّ تأسيس وكالة التنمية الدولية للولايات المتحدة (USAID) في عام 1961 بموجب قانون "المساعدات الخارجية". حالياً، تعتبر وكالة التنمية الدولية للولايات المتحدة أهم هيئة تنموية خارجية لأمريكا، حيث تعمل في أكثر من 100 دولة حول العالم لتعزيز مصالح السياسة الخارجية الأمريكية، بما في ذلك الهيمنة، والديمقراطية الليبرالية، والأسواق الحرة.
تُقسّم إجراءات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في المجال الاقتصادي إلى إجراءين رئيسيين: "جذب تلك الدول للمستثمرين الأمريكيين" و"دمج الدول في سلسلة الإمداد العالمية للشركات الأمريكية الكبرى". وفقاً لإحصائيات التجارة العالمية في السنوات العشر الماضية، كان حوالي ثلثي نمو صادرات السلع الأمريكية إلى شركاء الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. وقد تحقّق هذا النمو في الصادرات نتيجة لزيادة الرفاه الناتج عن برامج الوكالة في الدول المستهدفة، ويعتبر عاملاً حيوياً في خروج الولايات المتحدة من فترة الركود الأخيرة. كما أنّ زيادة الطلب الناتج في الدول النامية قد أسهمت أيضاً في تقليل البطالة في أمريكا. على سبيل المثال، فإنّ صادرات أمريكا إلى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية قد خلقت 11.5 مليون وظيفة في هذا البلد. باختصار، فإنّ العديد من الوظائف في الولايات المتحدة تعتمد على الأداء التصديري للشركات الأمريكية في الأسواق التي أنشأتها هذه الوكالة في الدول النامية.
تظهر تجربة الولايات المتحدة في تطوير النفوذ الدولي لأمريكا ما يلي:
1-تم تحديد الهدف الرئيسي للأنشطة في تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة.
2-تم النظر في خطة استراتيجية شاملة وهيكل خاص مكلف بتعزيز النفوذ الاقتصادي في العالم.
3-يتابع الكونغرس الأمريكي هذه العملية من خلال المصادقة على القوانين ومراقبة تنفيذها.
4-ضرورة توسيع صادرات الولايات المتحدة تتطلب دوراً نشطاً في تطوير أسواق الدول النامية.
5-أسفر الدعم الخارجي للولايات المتحدة عن نمو اقتصادي في البلاد من خلال تعزيز الصادرات ودعم الإنتاج المحلي.
6-ضمنت أنشطة الوكالة توفير المواد الأولية بشكل مستدام لصناعات الولايات المتحدة.
7-كانت مجالات نشاط الوكالة في الدول المستهدفة تشمل:
أ) استقرار الاقتصاد الكلي
ب) تعزيز الأسواق المالية
ج) زيادة الوصول إلى الطاقة
د) تعزيز الزراعة
هـ) تحسين بيئة الأعمال للقطاع الخاص
و) تعزيز التعليم
ز) تحسين الخدمات الصحية
ح) مواجهة الأزمات وتقديم المساعدة فيها
8-تم العمل على تعزيز قدرات التجارة مع الاقتصاد الأمريكي في الدول المستهدفة.
9-يتطلب تطوير النفوذ الاقتصادي في الدول المستهدفة النفوذ الثقافي وقد تم الانتباه إلى ذلك.
10-تم الاستفادة من الإمكانيات الداخلية للدول المستهدفة لتفعيل قدراتها الداخلية.
11-تم إدارة المساعدات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة للدول المستهدفة بشكل ذكي.
12-تم متابعة آلية إعادة تدوير المساعدات المالية في الدول المستهدفة.
13-تم متابعة استخدام ودعم قدرات القطاع الخاص في برامج الوكالة الدولية للتنمية وكانت مدعومة.
بجانب المساعدات المالية في بعض البلدان، أصبحت المساعدات الاستشارية الأخرى مؤسسية وتحت سيطرة الولايات المتحدة.